تايوان.. والحفر في العقول!!

صحيفة المدينة

تايوان.. والحفر في العقول!!

2022-10-09    475

مقال كتبه «توماس فريدمان» في «نيويورك تايمز»، وصلني على الواتس آب من أحد الأصدقاء، ذكر فيه الكاتب أن أفضل بلد لديه بعد بلده أمريكا هو - بلا تردد - تايوان!، وعلل ذلك بأن تايوان بلد خال من أي موارد طبيعية، وأرضه صخرية، ويقع في بحر تتلاطمه العواصف من كل جهة، وبحاجة لاستيراد كل شيء، حتى الرمل والحصى، ومع هذا يمتلك رابع أفضل احتياطي مالي في العالم، لأنه اختار الحفر في عقول أبنائه بحثاً عن الإبداع، بدلاً من الحفر في الأرض بحثاً عن المعادن، فالبشر هم طاقته الوحيدة غير الناضبة والقابلة للتجديد.

ويقول الكاتب: إنه وجد إجابة لتفوق تايوان في دراسة قامت بها منظمة مخرجات التعليم في خمسة وستين دولة في مرحلة الثانوية، مقارنةً بما تُحقِّقه كل منها من دخل من مصادرها الطبيعية، وبيَّنت الدراسة أن هناك علاقة سلبية بين الثراء المتحقق من الموارد الطبيعية، كالنفط والغاز، وبين مخرجات التعليم وما يحصل عليه الطلبة من معرفة ومهارات، وأن الظاهرة عالمية.

وبيّنت الدراسة أيضاً أن طلبة سنغافورة وفنلندا وكوريا وهونغ كونغ واليابان؛ حقَّقوا أفضل النتائج بالرغم من خلو دولهم من الموارد الطبيعية، بينما حقق طلبة ثانويات قطر وكازاخستان والكويت وسوريا والجزائر وإيران أسوأ النتائج، وحقق طلبة لبنان والأردن وتركيا، الأقل في مواردهم الطبيعية، نتائج أفضل.

وأن طلبة دول مثل: البرازيل والمكسيك والأرجنتين، الغنية بالموارد الطبيعية، حققوا نتائج متواضعة في الوقت الذي حقق فيه طلبة كندا وأستراليا والنرويج، الذين تتمتع دولهم بغنى الموارد نفسه، نتائج جيدة، لأن هذه الدول حافظت على ثرواتها بطريقة سليمة، وأعادت إحياءها، واستغلت العوائد بطرق سليمة، وابتعدت عن استهلاك ما حققته من ثروات في الرواتب والمنح، كما يفعل البعض بجنون واضح.

ويقول فريدمان: إنه يمكن قياس تقدُّم دولة ما في القرن الواحد والعشرين من خلال ما تُنفقه على «خلق» المدرس الناجح، وتربية الأبناء، وزرع الجدية فيهم، والاهتمام بمقرراتهم، وليس بما تمتلكه من ذهبٍ وألماس ونفط، فمستوى مخرجات التعليم هو الذي سيُحدِّد قوة أمم المستقبل وثراءها، وليس الدخل من الموارد الطبيعية، ولو نظرنا إلى جنسية غالبية الشركات المدرجة في سوق ناسداك، بخلاف الاقتصادات الكبرى، لوجدنا أن جميعها فقيرة في مواردها الطبيعية، فالمعرفة والمهارات هما عملة المستقبل.

ويختم فريدمان مقاله، بأن من المفيد أن يكون لدى دولة ما نفط وغاز وألماس، ولكنها تصبح بلا جدوى إن لم تُستَغل بطريقة سليمة، خصوصاً أن هذه الموارد تُضعف أي مجتمع في المدى البعيد، إن لم يتم الاهتمام بالتعليم والثقافة، فالذي يُحرِّك الإنسان؛ ليس الذي يأتي إليه طوعاً، بل ما يدفعه ليحضره بنفسه، انتهى المقال.


مشاركة :